رحم الله ابن العم المعلم الفاضل والمربي المحتسب صالح العبدالله الفهد العبدالرحمن الربدي الذي انتقل إلى رحمة الله فجر يوم الأربعاء 8-7-1446هـ الذي جمع بين التربية والتعليم في المدارس الحكومية وفن الميكانيكا بإصلاح المكائن الزراعية للآباء والأقارب والجيران الذين يملكون المزارع بدون مقابل، وإنما من باب البّر والفزعة وخدمة الجيران والأقارب في وقت لم يكن هناك ميكانيكيون حتى السيارات كانت من النوادر التي يستخدم عوضاً عنها الخيل والبعير والحمير خاصة في القرى، كان ذلك في أواخر السبعينيات وأول الثمانينيات الهجرية. والمرحوم الشيخ صالح بن عبدالله بن فهد بن عبدالرحمن الربدي من مواليد مدينة بريدة عام 1348هـ قد تزيد أو تنقص سنة أو سنتين وهو ابن حفيد عبدالرحمن محمد الربدي الذى قتل صبراً بمعركة الصريف عام 1318 هـ التي وقعت أحداثها بين أمير الكويت مبارك الصباح وأهالي منطقة القصيم المتواجدين هناك وبمشاركة من الإمام (الملك) عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والأمراء والمرافقين للإمام عبدالرحمن الفيصل من أهل الرياض وهم الذين خرجوا من الرياض مع الإمام عبدالرحمن آل سعود واستقروا بالكويت، وهم الذين سلكوا طريق الرياض لدخول الرياض عن طريق التنهات من جهة وبين أمير حائل عبدالعزيز المتعب آل رشيد الذي كان يعترض القوافل القادمة من الشام للكويت من جهة أخرى. دارت أحداث المعركة بمكان الصريف بمنطقة القصيم شرق الطرفية وشمال الركية وانتهت بانتصار بن رشيد ومن الذين قتلوا صبراً المرحوم عبدالرحمن الربدي الذى خرج من بريدة بجيش لمناصرة القوات الخارجة من الكويت والمتجهة للقصيم. انضم إلى قوات ابن الصباح عدد كبير من القبائل حتى صار تحت راية أمير الكويت أكثر من تسعة عشر بيرقاً وانتهت المعركة بهزيمة قوات الشيخ مبارك الصباح ومن ناصرهم وبرجوع الإمام (الملك) عبدالعزيز إلى الكويت بعد أن علم بانكسار ابن الصباح حين كان في طريقه للرياض، ولكنه أعاد الكرة بالجيش من العام القادم 1319 هـ وتمكن من دخول الرياض بعد مقتل عجلان عامل ابن الرشيد والإعلان بأن الملك لله ثم لابن سعود، لتبدأ مرحلة التوحيد وبطلها عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله. وابن العم أبو محمد صالح العبدالله الربدي درس وتعلم القرآن الكريم وبعض العلوم الدينية بمدارس مطاوعة بريدة، منهم ابن فرج والمطوع وعبدالعزيز العبادى ومن أشهر من قرأ عليهم الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد الذى عينه الملك عبدالعزيز قاضيا لمدينة بريدة عام 1360هـ ولكنه ترك القضاء عام 1378هـ وتفرغ للعبادة يؤم المصلين بالجامع الكبير ويلقي المحاضرات والندوات، ويعلم الناس أمور دينهم، وظل ساكناً بمدينة بريدة حتى عينه الملك فيصل بن عبدالعزيز مشرفاً على الحرم المكي عام 1384 هـ وفي عام 1395هـ عينه الملك خالد - رحمه الله رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، وعضواً في هيئة كبار العلماء، ورئيساً للمجمع الفقهي وعضواً في المجلس التأسيس لرابطة العالم الإسلامي حتى وفاته عام 1402هـ. كان أبو محمد يحضر مجالس الشيخ عبدالله بن حميد ويصطحب معه والده الذي لازمه طوال حياته، وكان ساعده الأيمن يعمل معه بمزرعته بخب روضان بالإضافة لعمله بالتدريس وإصلاح المكائن الزراعية إلى أن توفاه الله عام 1403هـ. وعندما كبر والده كان يأخذه لمجالس المشايخ ويستمع لدروس الشيخ ابن حميد التى يلقيها بالميكرفون ليلة الاثنين والجمعة من كل أسبوع بالجامع الكبير الذي سمي فيما بعد بجامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذى أعاد بناء الجامع عام 1418هـ. درس ابن العم صالح بالمدرسة الفيصلية التي فتحت بأمر من الملك عبدالعزيز عام 1356هـ كأقدم مدرسة حكومية تفتح بالمنطقة الوسطى، وكان أول مدير لها الشيخ عبدالرحمن المدني، وتخرج منها عام 1365هـ ضمن الدفعة الرابعة، وأكمل تعليمه بمعهد إعداد المعلمين وعين معلماً بالمدرسة الفيصلية التي تخرج منها ليستمر معلما فيها أكثر من عشرين عاماً وبتوجيه من مدير المعارف (التعليم) آنذاك بمنطقة القصيم الأستاذ سليمان الشلاش العبدالله تم تعيينه وكيلاً للمدرسة العزيزية الابتدائية ثالث مدرسة تفتتح بمدينة بريدة في عهد الملك عبدالعزيز عام 1368 هـ والتى سميت بالمدرسة العزيزية نسبة للملك عبدالعزيز عليه رحمة الله. لقد عمل -رحمه الله- تحت إدارة أكثر من تسعة مديرين في مدرستي (الفيصلية والعزيزية) كلهم ذهبوا وهم عنه راضون، أولهم الشيخ عبدالله البراهيم السليم عالم الفلك، ومن بعده الوجيه صالح العمري أول مدير للتعليم بالمنطقة، والشيخ ناصر العمري والوجيه إبراهيم العمرى مدير المدرسة العزيزية الذي اعتمد عليه بعد الله وأسند إليه جميع الأعمال حتى الخاصة به، والمرحوم الأستاذ عبدالله الحسون عليهم رحمة الله. علم أبو محمد ودرس عددا لا يحصى من المتعلمين والدارسين الذين خدموا الدين والملوك والوطن، ويكفيه فخراً أن أحد طلابه معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام الحرم وقدوة المتقين. ظل أبو محمد يعمل وكيلاً بالمدرسة العزيزية بمدينة بريدة حتى تقاعد عن العمل عام 1408هـ بعد أن خدم بالتعليم أكثر من أربعين عاماً كان عليه رحمة الله المربي الفاضل والإداري الناجح الذي خدم دينه ومليكه وأبناء وطنه. ولابن العم أبو محمد زملاء من أيام الطفولة والدراسة يتواصل معهم، ويحضر مناسباتهم واجتماعاتهم ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم ويرتبط معهم برحلات برية أسبوعية وموسمية من أيام الدراسة حتى أقعده المرض قبل سنتين من وفاته. عرف عن المذكور العمل الصالح والتعامل مع خالقه وكأنه يراه، والبر بوالديه والإحسان إليهم والتواصل مع الأقارب فلا يترك الاجتماعات والمناسبات إلا كان أول الحاضرين، ويتعامل مع الناس على اختلاف مستوياتهم، وكأنه يعرفهم يوقر الكبير ويحترم الصغير، وأحسبه والله حسيبه مستجاب الدعوة، فقد وفق بالذرية الصالحة ذكوراً وإناثاً وحب الناس، فلا يذكر بالمجالس إلا والكل يثني عليه ويذكره بالخير عليه رحمة الله. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وألا يحرمه شفاعة نبيه، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب. ** ** القصيم - بريدة