يظهر من استقراء المؤلفات القديمة أن إطلاق اسم الربع الخالي على تلك الصحراء كان في العصور المتأخرة، إذ تلك المؤلفات، ومنها ما أُلف في القرن السابع الهجري تطلق على تلك الجهة اسم صَيْهد، واسم «وبار» وتورد عن الاسم الأخير أخباراً خرافية، نقل ياقوت في «معجم البلدان» طرفاً منها وتبرا من عهدتها. وكلمة «الربع الخالي» من مصطلحات ربابنة سُفن الخليج العربي وخليج عُمَان، يقصدون بها الجهة الفرعية الواقعة بين جهتين أصليتين كجهة الجنوب والغرب، فإذا أراد الرُبَّان من الملاح الذي يتولى توجيه السفينة، وكانت متوجهة للجنوب مثلاً وأراد أن يُحرِفها قليلاً نحو الغرب قال: «الربع الخالي» أي احرفها إلى الجنوب الغربي والراء في الربع مضمومة، لا مفتوحة كما يرى بعض المتحذلقين. ولعل من المفيد أن نورد ما جاء في كتاب: «المنطقة الشرقية/ البحرين قديماً» عن صحراء صَيْهد. ومنه يتضح أن تلك الصحراء تشمل أعظم أجزاء «الربع الخالي». صَيْهَد: قال البكري في «معجم ما استعجم»: بفتح أوله وإسكان ثانيه، بعده هاء مفتوحة ودالٌ مهملة: أرض باليمن، وهي ناحية منحرفة ما بين يبحان، فَمأرب، فالجوف، فنَجْران، فالعقيق، فالدهناء، فراجعاً إلى عبْر حَضَرموت. وجاء في كتاب «المعجم الجغرافي» قسم «المنطقة الشرقية - البحرين قديماً» ما هذا نصه: نورده كاملاً وإن كان فيه تكرار لبعض ما تقدم: الربع الخالي: بضم الراء وإسكان الباء الموحدة بعدها عين مهملة، والخالي بالخاء المعجمة من الخلو - وهذا اسم حديث للجانب الجنوبي من الدهناء، وما كان يعرف قديماً برمال وبَار، وقسم من صَحْراء صيْهد ورمل الحُوش والاسم حديث يرى بعضهم أنه مأخوذ من تعبير يستعمله أصحاب البحر في ما بين عُمان وشواطئ الأحساء، فهم يعبرون بكلمة (الربع الخالي) ويقصدون بها الجهة الفرعية الواقعة بين الجهات الأربع الشمال والجنوب والشرق والغرب، فالشمال الغربي والشمال الشرقي والجنوب الغربي والجنوب الشرقي يعبر عن كل جهة من هذه الجهات بكلمة (الربع الخالي) وذلك حينما يكونون سائرين في البحر، عندما يريدون ترجيه السفينة إلى ناحية من تلك النواحي. ونظراً لأن أكثر المرافئ في الخليج تقع في الجنوب الغربي منه بالنسبة لمن في شواطئ الإمارات الغربية، فقد كثر إطلاق كلمة «الربع الخالي» على تلك الجهة هذا ما رأيت أحد الباحثين من المتأخرين ذكره في تعليل هذا الاسم. وهذا الموضع صحراء عظيمة واقعة بين اليمن وحضرموت وعمان وسواحل الإمارات العربية وبين يبرين وبلاد نجران، وهي داخلة في حدود المملكة والعمران في هذه الصحراء لا أثر له، وقد عُثر على آبار للنفط في الربع الخالي. ولا يزال كثير منها تحت التجربة.. وليس من المستبعد أن تصبح هذه الصحراء العظيمة القاحلة في يوم من الأيام مزدهرة العمران، متى ثبت وجود النفط فيها بمقدار مربح. ولقد كانت هذه الصحراء قديماً وإلى عهد غير بعيد من الأمكنة التي يألفها أبناء البادية لجودة مراعيها، وكانت مَربًّا لبقر الوحش وللنعام وللظباء، أمَّا الآن فقد انقرضت منها. والمناهل في الربع الخالي قليلة، والرمال التي تسفوها الرياح بقوة من أعظم عوائق اجتياز هذه الصحراء، التي يفخر غربيان باجتيازها دون غيرهما باستثناء البدو الذين يعيشون في أماكن تتصل بها، ويتوغلون فيها بعض الأوقات. ومن آبار الربع الخالي. 1 _ القعاميَّات 2 - الحوايا 3 - الشويكلة 4 _ الأوراك. 5 _ كرش البعير. ومنذ عَهْدٍ قريب استُنْبِطَت في الربع الخالي آبار ارتوازية، وعبّدت بعض الطرق في جوانبه، عندما ظهر النفط في بعض جهاته. والواقع أن صحراء الربع الخالي الواسعة تحتاج إلى دراسة وافية. وفي كتاب «دليل الخليج» الربع الخالي: تقع هذه الصحراء الكبرى جنوبي شبه الجزيرة العربية وتتاخم عُمان على طول حدودها الغربية، ومعظم قبائل البدو يرعون إبلهم في أطرافها وعددهم قليل لأنه لا يوجد بها سوى الماء الذي يبقى في المنخفضات بعد هطول الأمطار، وبعض الينابيع الملحية التي تظهر هنا وهناك. ويقال: إن التربة من الجهة المجاورة ملحية ويوجد في معظم أجزاء هذه الصحراء المها والحمار الوحشي وأنواع من الغزلان. وقال الهمداني في «صفة جزيرة العرب»: فلاة اليَمَن وتسمى الغائط: أما فلاة اليمن وغائطه فإنه صَيْهد، وهي فلاة تتفرق من الدَّهناء من ناحية اليمامة والفلّج، وتشرع عليها جُزُرُ من مَصَامّةٍ بني عامر بناحية ترْج فَتْليْث فيما بين تلِيْث ودُثينة. وتفرق هذه الفلاة بين جُزر اليمن من أسافل هذه الأودية وحضرموت من أربع مراحل وخمس فما بين نجران وبيحان، وأمَّا ما خلفَ نَجران إلى الشمال فأكثر، لأن صَيْهَدَ يقبل عن فرقين من الدَّهناء أحدهما من شرقي اليمامة ويبرين، والثاني: من غربيّ اليمامة وما بينهما وبين جبل الحَضَن. انتهى. 1980* * باحث وكاتب وصحافي سعودي «1910 - 2000»