×
محافظة بقيق

إنجاز وعطاء وعلم

صورة الخبر

مع دخولي مرحلة الشيخوخة، أيقنت أكثر مما مضى بأن قدسية الحياة أكبر وأعظم مما نتصور ونتخيل. يقول سبحانه: «أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا»، المائدة.. آية «32». أطلقوا لأنفسكم العنان للإبحار في كلمات هذه الآية الكريمة، عليكم استنتاج ما ترغبون، لكنها تطلق حقيقة عظيمة بفلسفة أعظم، برسالة خالدة. في مسيرة مراحل عقود عمري السبعة، أيقنت أن قتل الناس ليس بانتزاع أرواحهم فقط، لكن القهر، والظلم، وجور التعامل يعد أحد أنواع القتل البغيض، مكارم الأخلاق تعزز الحياة السوية بين الناس دون تمييز، قتل الناس وهم أحياء يأتي مع اجتياح طوفان سلاح تعطيل الضمير وسيادة الظلم. مرض التعالي والغرور يقود للفتك بمشاعر الآخرين أيا كانوا. أحيانا يفتك الفرد بنفسه إذا تعاظم هذا الطوفان وسيطر على فكره وعقله، وجعلها بمثابة تطلعاته الشخصية تقوده وفق هواها. نحن نتعلم من أجل خدمة آخرين يخدموننا. المشاعر الإنسانية الفاضلة لا تقتل مشاعر الناس، نتيجة لذلك من أحيا مشاعر الناس الإيجابية عاشوا جميعا سعادتها، تحيا الناس جميعا بسيادة الرحمة والعدل والمساواة، ثمارها شعور يرتقي بالكرامة الإنسانية، الشعور الإيجابي يعزز سيادة الإنسانية، وعزة النفس، والطمأنينة. يتم قتل الناس بفرض الشعور السلبي، ويتم إحياءهم بإفشاء الشعور الإيجابي، هذا يحقق ما ورد في آية «المائدة» السابقة. في سورة البقرة آية «195»: «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، هذا يؤكد بأن وظيفتنا الأساسية كبشر أن نحافظ على بقائنا في أحسن حال تتوجها الكرامة، والإنتاجية المفيدة، والعطاء بكل أنواعه، مع العطاء تسود المحبة. شخصيا حفرت في صخر الحياة لتحقيق بقائي في أحسن حال. رسمت وشكلت مسيرة حياتي بمعول إرادة التحدي، كنت وما زلت معول بناء وليس هدم، وفساد، وإفساد، وجور، وقسوة. هكذا وصلت مرحلة شيخوختي بثبات وثقة وفخر جعلني عظيما أمام نفسي، وأعتز. كل فرد من الناس مورد بحاجة لاستثمار، وقبلها هو بحاجة إلى بناء متعدد الوظائف والأدوار لا ينضب عطاؤه، الطاقات التي استودعها الله في خلقه هي المنجم الذي يجب استثماره وتعزيزه في الفرد نفسه أولا. بعده يصبح الفرد منجما مهيأ للاستثمار الذي لا ينضب. خضعت مسيرة حياتي لهذه القاعدة، وقد بدأها والدي - رحمه الله - عام 1961 عندما حملني على كتفه من قرية كانت جاهلة بالتعليم، لأبدأ أول خطوات دراستي في مدرسة بقيق الابتدائية، لكل مرحلة من عمري رحلة عظيمة من بناء الذات، تلك أول خطوات الإنجاز في أول مراحل حياتي السبعة. بدأت بمحاربة الجهل دون علمي. بعد كل المراحل السبع التي عشتها.. يأتي السؤال: هل تم استثماري بشكل كفء بعد أن حصلت على إجازة الدكتوراه، وأيضا من أعرق الجامعات في العالم، بعمر يزيد عن «600» عام؟ أهلتني هذه الإجازة لمواصلة البحث دون مشرف. نقلتني لمصاف العلماء، وقد رسم أبي - رحمه الله -، أول خطواتها. انغلقت كالبحر على نفسي لأسباب كثيرة، لكن بخار هذا البحر استمر يتكثف وينزل مطرا مستدام النفع والعطاء بغزارة. شخصي إنجاز وعطاء وعلم. ويستمر الحديث. @DrqAlghamdiMH