×
محافظة بقعاء

حديث بين صديقين - علي حسين (السعلي)

صورة الخبر

حملتُ هاتفي واطفأت ما كان أمامي غيرت ملابسي توضأت سميت الله وانطلقت، عند مقهى قصر المنازل توقفت، جاءني النادل صديقي يعرفني جيدا ويفهم طلبي فورا.. رشفتُ فنجاني وتعمدت ثقب رسمة القلب على صفحة الكوب، لا أعلم لماذا أحب طعمه بفمي ياه اتلذذ بشربه، ربما لأن قلبي مكسور وأريد جَبْره بقلب مثله أكثر سخونة ونبضا! المهم بدأت بضرب مفاتيح الشاشة كتابة مستقبلاً قِبْلة زاويتي ميمماً بالعنوان والاستهلال بالمقدمة في انتظار صديقي الذي لا يتوارى في دغدغة مشاعري بدقة صمته وكثرة اتصالاته وجرأة آرائه بكل صرامة يأتي بها في وجهك لا يجامل ولا يهادن وهذا ما يعجبني فيه كثيراً لكن إذا لمح وجهاً وسيما فتذهب هذه الصفات ويضرب بها عرض الحائط ويكون ودوداً مجاملاً يذكر ربع الحقيقة والباقي... المهم: شاهدني منهمكاً في الكتابة أخذ كرسياً كعادته وجلس بالقرب مني - بصراحة لمحته بس طنشت - أخرج صوت فتح سحّاب ياه مزعج التفت إلي مبتسماً وأكمل ما في حقيبته، وضع مولد الكهرباء في المكان المخصص وأخذ نظارته السميكة الخاصة بالقراءة «يعني مهم» سألني بعد أن قال لي: هيا سعلي ايش قاعد تكتب يا بقعاء؟! اسم الله عليه وعليكم طبعاً ومَنْ يقرأ.. قلت له: مقالي الجديد.. هزّ رأسه مبتسماً وحين طلبت منه عن سبب ضحكاته، قال: بالله ايش تستفيد وما معك معها ولا ريال فيها؟ الحقيقة هذا السؤال صدمني أحسست بشلال قرية خَيْرة انهمر على رأسي، السؤال استفزني بصراحة واشتطت غيظاً كيف تجرأ وطرح هذا السؤال لي؟! توقفنا ما بين سؤاله وصمتي، سكن الجنون بيننا للحظات فالسؤال قنبلة هيروشيما ثانية أكلت الأخضر واليابس البقية الباقية من عشب رأسي! عدلت من جلستي، واستقبلته مواجهه وجهاً بوجه، بعد أن أغلقت محموله، هنا رفع رأسه قائلاً: ها اسلم؟! عندما تستكبني الكلمة يا صديقي تدور في رأسي وهي رأس مالي، تستفزني كما أثارني سؤالك فتحثني بعد أن طرقت رأسي ثلاثاً للخروج، فلا أملك حينها سوى التسليم بتحريك أناملي مغازلاً شاشة هاتفي وأكتب أفكاري وحين انتهي يااااه تغمرني سعادة غامرة تملأ رئتي وأقول: أخيراً ارتاح رأسي من صداع لذيذ فكرتي! وحين تنشر واقرأها كقارئ عادي أصفق لنفسي وأفرح كثيراً غزيراً وفيراً مطيراً كثيراً.. هذا هي الاستفادة الحقيقة من كل كتاباتي والله لو يعرف الكاتبون والقرّاء الكرام سعادتي لجالدوني عليها بالسياط! يفنى كل شيء يا صديقي إلا الحرف والسطر يبقى العطر ضاجاً بالجميل! يا صديقي مثلي وقبلي الكثير مما سبقوني بالكتابة هذا صحيح وقد يكونون أفضل مني لكن لدي أسلوبي الخاص الذي أسير عليه والحمد لله... يا صديقي قلتها وكتبتها في بيت شعر لي: ثلاثة اصطاد فيها واشتفي صلاتي وقلمي ودفتري يا صديقي الكتابة حياة شفاء سمو شموخ إمارة للحرف في قصر السطور. يا صديقي الكتابة عوالم خفية لم ولن يفهمها أحد سوى من اكتوى بجمرة ألقها وإبداعها. يا صديقي الكتابة دواء من أمراض العصر الحسد الكره الغيرة الحقد فما إن تكتب تتصالح مع نفسك إذا احترمت ما كتبت، وعقل من يقرأ سطورك. يا.. قاطعني قائلاً: ما هذا يا سعلي أنت عاشق! قلت له نعم: أنا عاشق للغة مجنون بالكتابة مخضبٌ بالحرف لوحتي حنّاء سطوري وكفى.. سطر وفاصلة تحرّكت شفاتي، ماذا قلتُ؟ حبيبتي، غاليتي، سعادتي.. أمنيتي، بلسم جراحي … هاه ماذا قلت، أخبريني؟ صمتت بعد أن أشاحت بوجهها وانثال شعرها من جيدها مستقراً في منتصف حسنها والدمع يغازل رمشها: أنت أحلى وأبهى وأنقى وأجمل بل أكثر وأكثر يا قطعة في فمي تذوب كالسكر