نوّر الله قبر أديبنا الكبير وأستاذنا الغالي الدكتور محمد بن عبدالرحمن الهدلق، وآنس الله وحشته، والذي توفي منذ أيام تاركاً لنا إرثاً ثقافياً لا يُقدر بثمن، عبارة عن كتب ومؤلفات قيمة مثل: قراءات في البيان العربي، ورسائل تراثية في النقد والبلاغة، وفي الثقافة النقدية، إلى جانب عشرات البحوث النقدية التي نشرها -رحمه الله- في المجلات العلمية، وأعاد نشر بعضها في إصداراته، ومن أبرزها: النقد الأدبي في مقامات الحريري، وابن قتيبة وآراؤه التربوية، وزين الدين الرازي وأعماله البلاغية والنقدية، وغيرها. وبهذا فقدت شقراء واحداً من أبنائها البررة، والذي كان صاحب دور ريادي في المشهد الثقافي السعودي، فضلاً عن جهوده في خدمة اللغة العربية وخطواته الإيجابية لتطوير وترسيخ اللغة العربية ونشرها، من خلال رئاسته لمجلس الأمناء بمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي. وُلد -رحمه الله- في محافظة شقراء، عام 1944، وحصل على بكالوريوس اللغة العربية عام 1966م، ثم على الماجستير في اللغة العربية من جامعة أدنبرة ببريطانيا عام 1975م، وعلى الدكتوراة في اللغة العربية من جامعة أدنبرة عام 1978م، وكان موسوعة أدبية، يشهد له بها كل من عاصره، ومنهم الدكتور عبدالله محمد الغذامي الذي قال عنه منذ 15 عاماً تقريباً في مقالة له: «هو من أعز من عرفت وأصدق من زاملت، وقف بوفاء بجانبي وجوانب الزملاء كلهم، فهو همزة الوصل في قصصنا كلها، وهو الذي يجمع صفحات الذكريات كلها بأنواعها كلها المازح الهازل منها والجاد الصارم». كما قال عنه أ. د. عبداللطيف الحميد بعد وفاته مباشرة: «رحل اليوم علمُ من أعلام اللغة العربية في بلادنا، والعالم العربي الدكتور محمد بن عبدالرحمن الهدلق (1363-1445) كان له عظيم الأثر وجليل الأعمال مع خلق عظيم وعلم غزير وتؤدة وأناة وحلم وتسامح وتفاعل مجتمعي، لقد جمع ثقافة شقراء والرياض ومكة وإدنبرة وأصالة الفصحى». والفقيد -رحمه الله- خدم الوطن في عدة جهات منها جامعة الملك سعود، والنادي الأدبي بالرياض، ومركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، كما أصدر له كرسي المانع عدة مؤلفات رصينة. وقد عُرف عنه بأنه طالب جاد وقارئ نهم خلال الدراسة وإداري حازم وموضوعي إبان عمله الأكاديمي في كلية الآداب وعمادة الدراسات العليا في جامعة الملك سعود، وقد تمتع الراحل بسيرة عطرة وامتاز بالحياد والموضوعية وحسن الخلق والبعد عن السجال الثقافي والتواضع ولين الجانب، كما حمل رصيداً لافتاً في العمل الأكاديمي ووضع الأنظمة الإدارية في الجامعة، إلى جانب الإحاطة بالعلوم الثقافية والأدبية، فضلاً عن مواقفه الإنسانية مع زملائه ورفقاء دربه في الجامعة. أحر التعازي لأهله وأخيه إبراهيم وأبنائه خالد وفراس والى رفيق دربه د. عبدالعزيز المانع ومحبيه كافة، وأسال الله أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه ومغفرته، ويجمعنا به ووالدي في جنات النعيم.