بمحاذاة عيون الأفلاج الشهيرة بمحافظة الأفلاج بالمملكة العربية السعودية تبدأ الحكاية. هي حكاية قُصيرات عاد التي بنيت قبل الميلاد بمبانيها التي صمدت آلاف السنين والقرون لتحكي قصص الحكاية التي أهلك الله بها قوم عاد في ذكره سبحانه وتعالى لقوم عاد في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم حيث ظلت بعضها محتفظة بكينونتها إلى يومنا الحالي. طريقة البناء تبهرك في تفاصيلها وهندستها التي جعلت من ذلك البناء مكان ملائما للسكن ففيه أبدع من بناه في طريقة تدلل على نمط حياة مترفة عاشها الأوائل والتي صنعوها بفكرهم وأيديهم بلا معدات كيومنا الحاضر. إنها مدينة متكاملة سماها أهل المكان وكل من شاهدها وزارها من رواد الآثار والمهتمين حيث يرجعون بناء هذه القصور إلى آلاف السنين في مشاهد تبهرك وأنت تتجول بين ثنايا كنوز تاريخية عظيمة تحكي حكاية الأجداد في كل مكان. على مشارف مدينة قصيرات عاد تأتي عيون محافظة الأفلاج والتي سلبت عقل من زارها بصفاء وعذب ماءها وسط واحة جميلة ممتدة لمسافة كبيرة تروي مياهها قرى حولها كقرية السيح حيث أنشئت تحت الأرض قنوات امتدت لمسافات والتي شقها الأجداد لتحمل الماء إلى تلك القرى القريبة منها في هندسة ابتكارية ساهمت في دفع الماء وتشكيل لوحة من البساتين الخضراء والواحات في تلك المنطقة إلا أن إرادة الله في السنوات الأخيرة شاءت بأن تجف تلك العيون والبرك المائية لعوامل عديدة أهمها ندرة الأمطار وتغير المناخ فيحزنك ذلك المنظر المهيب لعيون جفت مآقيها وأصبحت سراباً من بعد عين. قصيرات عاد وبما حمله ذلك التاريخ الغني بحضارة بشرية عاشت في قرون سابقة هو مكان غني للاستكشاف والتنقيب والدراسة والتي يجب السعي لمعرفة تفاصيل تلك الحقبة من تاريخ الجزيرة العربية ومن عاش في أكنانها عبر عصور مضت تدلل على اهمية المكان وقِدمه وما حواه من آثار مبهرة يجب الاهتمام بها. زيارتي لتلك المنطقة حملت لي الكثير من المشاهد الجميلة لإرث الاجداد الذي يتم اكتشافه يوميا في عدد من دول الخليج حيث الكنوز والآثار والحضارات التي تحكي قصصا كثيرة من حضارات أبيدت وانتهت لتبقى الحكاية بين يدي علماء الآثار وتأويلاتهم لتلك الحقب الفانية وتبقى العبرة لنا نحن في أزمنة غابرة ذهبت وذهب مجدها فلا حي يدوم ولا مجد يبقى سوى الله الحي القيوم، فلقصيرات عاد حكاية ستبقى لكل من زارها أو سمع بها فهي إرث غني بحضارة ضاربةً في القدم. إعلامي وعضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية