وقع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج، في موسكو أمس، وثيقتين لتعميق العلاقات الروسية - الصينية وخطة لتطوير التعاون الاقتصادي تتضمن تمديد شراكتهما الاستراتيجية حتى 2030. والوثيقتان هما "بيان مشترك من قبل روسيا والصين حول تعميق الشراكة والتفاعل الاستراتيجي بما يتواءم مع الدخول في حقبة جديدة" و"بيان مشترك حول خطة التنمية للمجالات الرئيسة للتعاون الاقتصادي لـ2030". وتم الاتفاق بين البلدين على زيادة شحنات الغاز الإضافية للصين وتوسيع خطوط النقل بينهما من خلال بناء الطرق والجسور، وأكد شي تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي، وقيام الصين بتصدير مزيد من السلع الإلكترونية إلى روسيا. وأشار الرئيس الروسي إلى أن الوثائق الموقعة تدل على مستوى العلاقات بين موسكو وبكين التي هي عند أعلى مستوى في التاريخ، كذلك لفت إلى أن الوثائق الموقعة مع الصين تتضمن هدفا بمضاعفة حجم التجارة معها. وعقدت في قصر الكرملين الكبير في العاصمة الروسية مباحثات القمة بين بوتين وشي أمس، وجرت على مرحلتين الأولى في إطار اجتماع مغلق وضيق بين الزعيمين، والمرحلة الثانية جرت في إطار اجتماع موسع بمشاركة وفدي البلدين، وعقب ذلك تم توقيع مجموعة من الوثائق. وقال الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي عقد بعد مراسم توقيع: "حدد البيان المشترك بشأن خطة تطوير المجالات الرئيسة للتعاون الاقتصادي حتى 2030 مهمة مضاعفة حجم التجارة وتعميق العلاقات في ثمانية مجالات استراتيجية". وأشار إلى أن التجارة بين روسيا والصين وصلت إلى رقم قياسي تاريخي تجاوز مستوى الـ185 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تتجاوز التجارة بين البلدين في العام الجاري مستوى 200 مليار دولار. وقال الرئيس الروسي إن "الفرص الإضافية لإطلاق إمكانات الاقتصادين الروسي والصيني يتم توفيرها من خلال الاتحاد الأوراسي ومبادرة الرئيس الصيني "حزام واحد - طريق واحد". وأكد للزعيم الصيني في وقت سابق أن موسكو مستعدة لمساعدة الشركات الصينية على أن تحل محل الشركات الغربية التي غادرت روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا. وفي اليوم الثاني من زيارة شي الرسمية لموسكو، قال بوتين أيضا إن الزعيمين ناقشا مقترح خط أنابيب باور أوف سيبيريا2 الذي سينقل الغاز الروسي إلى الصين، وفقا لـ"رويترز". وسينقل خط الأنابيب المقترح 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا من روسيا إلى الصين عبر منغوليا. وطرحت موسكو الفكرة منذ أعوام، لكنها اكتسبت زخما مع لجوء روسيا إلى الصين لتحل محل أوروبا كعميل رئيس للغاز. وأوضح بوتين في تصريحات أذاعها التلفزيون موجها حديثه لشي: "أنا مقتنع بأن تعاوننا متعدد الأوجه سيواصل التطور لمصلحة شعوب بلدينا، روسيا مورد استراتيجي للنفط والغاز والفحم للصين. وأكد شي أنه يتعين على الصين وروسيا العمل بشكل أوثق لدفع "التعاون العملي" قدما إلى الأمام، قائلا لبوتين "يمكن رؤية الثمار المبكرة لتعاوننا، فيما يتحقق مزيد من التعاون". وفي قطاع الطاقة قال بوتين إن روسيا سترسل إلى الصين ما لا يقل عن 98 مليار متر مكعب من الغاز بحلول 2030. وأعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة تسليم شحنات يومية قياسية إلى بكين، عبر خط أنابيب سيبيريا الذي يمر في الشرق الأقصى الروسي باتجاه شمال شرق الصين، خلال لقاء الزعيمين. وقالت غازبروم في بيان أمس، إنها سلمت أمس الأول، "الكميات المطلوبة وحققت رقما قياسيا جديدا لإمدادات الغاز اليومية نحو الصين". وردا على أسئلة حول الرقم الدقيق لهذه الكميات، أعلنت الشركة أنها "لا تقدم معلومات إضافية". وأكد مصدر آخر من غازبروم أن "الكميات اليومية" التي تسلم الى الصين هي "معلومات تجارية ونحن لا نكشف عنها". يأتي هذا الاعلان من عملاق الغاز الروسي في اليوم الثاني لزيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينج إلى موسكو، والهادفة إلى تعزيز العلاقات الثنائية الدبلوماسية والاقتصادية، وبينها إمدادات الطاقة. وبلغت العام الماضي شحنات الغاز عبر خط "قوة سيبيريا" إلى الصين أعلى مستوى لها على الإطلاق بلغ 15.5 مليار متر مكعب. وبحلول 2025، تعتزم موسكو مضاعفة صادراتها بمعدل 2.5 عبر هذا الأنبوب لتصل إلى 38 مليار متر مكعب سنويا. وتزود شركة غازبروم الروسية بالفعل الصين بالغاز عبر خط أنابيب باور أوف سيبيريا بموجب صفقة مدتها 30 عاما بقيمة 400 مليار دولار تم تدشينها في نهاية 2019. ويمتد خط الأنابيب هذا نحو ثلاثة آلاف كيلومتر. وما زالت صادرات روسيا من الغاز إلى الصين تمثل جزءا صغيرا من الرقم القياسي الذي بلغ 177 مليار متر مكعب الذي صدرته روسيا إلى أوروبا بين عامي 2018 و2019. ومنذ اندلاع الصراع في أوكرانيا في فبراير 2022 تقلصت الكميات المصدرة إلى أوروبا لتصل إلى نحو 62 مليار متر مكعب عام 2022. وارتفعت واردات الصين من النفط الروسي خلال الشهرين الأولين من العام الجاري 23.8 في المائة، إذ انتهز المشترون الفرصة لشراء الخام الروسي الذي يخضع للعقوبات بخصومات هائلة. ووفقا لبيانات الإدارة العامة للجمارك، فإن إجمالي شحنات النفط من روسيا بلغ 15.68 مليون طن في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، أو 1.94 مليون برميل يوميا بعد أن كانت 1.57 مليون برميل يوميا في الفترة ذاتها 2022. وكانت روسيا ثاني أكبر مورد نفط خام للصين بالعام الماضي إذ بلغ حجم الشحنات 86.2 مليون طن، وفقا لـ"رويترز". وأدت العقوبات الغربية وسقف الأسعار على النفط الخام الذي تشحنه روسيا بحرا بعد الحرب في أوكرانيا إلى الحد من مشتري الإمدادات الروسية من النفط، ما دفع روسيا إلى بيعه بخصومات هائلة وفقا لأسعار القياس العالمية. وتعد الطاقة هي المصدر الرئيس للتبادل التجاري بين الصين وروسيا، حيث سرعت موسكو وبكين أيضا التقارب بينهما.